الأربعاء، 27 مارس 2013

تحليل نص: التكنولوجيا والثقافة للمهدي المنجرة. الكتاب المدرسي: واحة اللغة العربية.


أولا ـ ملاحظة النص: 
1 ـ قراءة في العنوان: العنوان مركب اسمي يتكون من كلمتين يربط بينهما حرف العطف "الواو". ويحيل العنوان إلى أن التكنولوجيا مرتبطة بالثقافة، والثقافة مرتبطة بالتكنولوجيا، ويحيل كذلك إلى أنه يجب توفير ثقافة معينة قادرة على مساعدة الإنسان لإنتاج التكنولوجيا.
2 ـ علاقة العنوان بالفقرتين الأولى والأخيرة:
أ ـ علاقة العنوان بالفقرة الأولى: تتحدث الفقرة الأولى عن مشكلة التقدم التكنولوجي التي تعاني منها الدول التي تشكو من نقص في التنمية، ولا يمكن القضاء على هذا النقص إلا بإبداع ثقافة فعالة. إذن فالعلاقة التي تربط الفقرة الأولى بالعنوان هي علاقة إيضاح وتفسير لأنها تبين الدور الذي تلعبه الثقافة لتتقدم التكنولوجيا.
ب ـ علاقة العنوان بالفقرة الأخيرة: تبين الفقرة الأخيرة الدور الذي يلعبه العنصر العربي في تطور التكنولوجيا، وتؤكد على أن غياب الحقوق والحريات في المجتمع العربي يؤدي إلى استنزاف الأدمغة وهجرتها. إذن فالعلاقة التي تربط هذه الفقرة بالعنوان هي علاقة إيضاح وتفسير، فهي تبين أن الإنسان العربي قادر على إنتاج التكنولوجيا والمساعدة على تقدم بلده، إلا أن غياب الظروف الملائمة لذلك تعمل على هجرته.
استنتاج: وضحت الفقرتان العنوان، وبينتا أن المجتمع العربي يملك ثقافة فعالة تمكنه من إنتاج  التكنولوجيا لتقدم بلده، لكن الحكومات لا توفر له الحقوق والحريات مما يؤدي إلى هجرته.
3 ـ علاقة العنوان بمصدر النص:
يحمل المصدر المأخوذ منه النص عنوان: "حوار التواصل من أجل حوار معرفي عادل" فما علاقته بعنوان النص: "التكنولوجيا والثقافة" ؟. إن القارئ للعنوانين يلاحظ أن "الحوار المعرفي" المتضمن في عنوان المصدر له علاقة بالثقافة والتكنولوجيا فكلاهما معرفة، إلا أن الثقافة معرفة نظرية مرتبطة بالفكر والتقاليد والعادات والدين وكل الممارسات الذهنية الإنسانية، في حين تتعلق التكنولوجيا بالمعرفة التطبيقية المتصلة بالصناعة. ويبدو أن الكاتب يريد أن يربط حوارا بينه وبين القارئ ليوصل إليه معلومة مفادها أن الثقافة هي أساس التكنولوجيا لأنها هي التي تهيء الأرضية للتقنية. فالعلاقة التي تربط بين العنوانين هي علاقة جزئية / تضمنية، فالعنوان جزء من المصدر، ومتضمن فيه.
ثانيا ـ فهم النص:
أ ـ مضمون الفقرة الثانية: تتحدد المكونات العضوية للثقافة في: العلم والتقنية الجديدة، اللذان يتفاعلان عند دمجهما في بيئة ثقافية معينة.
ثالثا ـ التحليل:
1 ـ معجم النص:
يدخل في تشكيل النص، وتكوين مضمونه العديد من الكلمات التي تعمل متحدة ومتضامة لتأسيس المعنى. وتدخل في تشكيل لغة هذا النص مجموعة من الكلمات يمكن تصنيفها في حقلين دلاليين هما: حقل التقنية وحقل الثقافة كما يوضح الجدول التالي:
الألفاظ المكونة لحقل التقنية    
التكنولوجي ـ التقنيات الأجنبية ـ العلوم التطبيقية الجاهزة ـ الإبداع والدعم ـ ظاهرة ديناميكيةـ الفكر العلمي ـ العلم والتقنية الجديدة ـ التجديد والإبداع ـ نقل العلوم والتكنولوجيا ـ عمل وبحث وإبداع ذاتي ـ اكتساب المعرفة ـ تنشيط الابتكارات ـ العلم أو التقنية ـ الإبداع ـ الابتكار ـ المعرفة ـ استيعاب العلم والتكنولوجيا ـ تحليل المواد المستوردة ـ فهم آلياتها وكيفية عملها ـ إعادة تركيبها ـ التركيب الجديد ـ إبداعا يابانيا ـ الإبداع التكنولوجي ـ المواهب العلمية والفنية ـ طاقاته الذاتية.   
الألفاظ المكونة لحقل الثقافة:
الوجهتين الثقافية والاجتماعية للعلم ـ المكونات العضوية في الثقافة ـ البيئة الثقافية ـ ظاهرة ديناميكية ـ نسق ثقافي ـ القيم الثقافية ـ الفكر العلمي ـ المحرك الأساس ـ استيعاب العلم والتكنولوجيا ـ انصهار العلم والثقافة ـ القيم المجتمعية ـ الخصوصية اليابانية ـ ذوق الإنسان الياباني في الحياة ـ احترام الإنسان ـ الحقوق ـ الحريات.
استنتاج:  من خلال تصنيفنا للألفاظ المكونة للحقلين نلاحظ هيمنة الألفاظ المكونة لحقل التقنية لأنها هي موضوع النص وعنوان المجزوءة، ونلاحظ كذلك اشتراك الحقلين في بعض الألفاظ التي تكونهما، مما يدل على أن العلاقة التي تربط بينهما هي علاقة تكامل، فالتقنية تتطلب ثقافة معينة، والثقافة هي التي توفر التنمية التي تهتم بالتقنية. 
2 ـ الوضعية التلفظية في النص (ملاحظة الضمير المهيمن):
ضمير الغائب المفرد المذكر :   عليه ـ هو ـ تشغيله ـ صيانته ـ تعلمه ـ بيعه ـ شراؤه ـ إليه ـ هو ـ هو ـ فهو ـ طاقاته ـ فيه ـ هو ـ فيه ـ نقله ـ أسميه  (17 مرة).
ضمير الغائب المفرد المؤنث: جلبها ـ همها ـ هي ـ عليها ـ لها ـ هي ـ هي ـ عملها ـ جزئياتها ـ تركيبها ـ فيها ـ آلياتها  (12 مرة). 
ضمير الغائب المثنى: هما ـ كلاهما ـ دمجهما ـ يصيران ـ أنهما ـ عليهما ـ لأنهما  (7 مرات). 
ضمير الغائب الجمع: عنهم ـ هم ـ مسلمون ـ اتجهوا ـ عنهم  (5 مرات). 
ضمير المتكلم الجمع: عالمنا ـ علمنا (2 مرات).
استنتاج: نلاحظ هيمنة ضمير الغائب بأنواعه المتصل والمنفصل المذكر والمؤنث، المفرد والجمع، وهذا دليل على أن الكاتب المهدي المنجرة تعامل مع موضوعه بطريقة موضوعية دون أن يدخل ذاته في تحديد موقفه من دور الثقافة والتكنولوجيا في المجتمعات العربية. وأورد كلمتين متصله بضمير المتكلم "نا": الدال على الجمع الذي تفيد أنه أدخل ذاته في الجماعة. نستنتج من كل ذلك أن هيمنة ضمير الغائب في النص أضفى على الدراسة نوعا من الموضوعية والعلمية.
3 ـ رأي الكاتب من النص:
يستحضر الكاتب رأيه في النص من خلال قوله: «خاصة إذا علمنا أن كبار المختصين في المراكز العلمية والتكنولوجيا في العالم الغربي هم عرب مسلمون»
فمن خلال كلمة "عَلِمْنا" يفهم رأي الكاتب، فهو يصرح بأن غياب الحقوق والحريات في العالم العربي يجعل منه مجتمعا متخلفا، وغير مستفيد من طاقاته الذاتية، وكذا استنزاف أدمغة مواطنيه وذوي القدرات.
4 ـ الخطوات المنهجية التي اتبعها الكاتب لعرض مضمون النص:
أ ـ المنهج الاستنباطي: انطلق المهدي المنجرة عند كتابته للنص من العام إلى الخاص، تحدث أولا عن التقدم التكنولوجي حديثا عاما ليخلص إلى سلبياته في الوطن العربي الإسلامي.
 ب ـ الربط بين الفقرات: يتكون النص من سبع  فقرات مترابطة فيما بينها بواسطة روابط لغوية منطقية هي: "إن" و "الواو" و "هناك". فقد ارتبطت الفقرة الثانية بالأولى، والرابعة بالثالثة بواسطة الرابط "إن"، وارتبطت الفقرة الثالثة بالربعة، والسابعة بالخامسة بالسادسة بواسطة الرابط "الواو" الذي يفيد الإضافة. وارتبطت الفقرة السادسة  بالخامسة بواسطة الرابط "هناك".
ج ـ أسلوب التعريف :
د ـ الأسلوب التقريري: استعمل الكاتب أسلوبا تقريريا خاليا من الاستعارات والمجازات والتشبيهات، لأنه في سياق تقريب المتلقي من الدور الذي تلعبه الثقافة في التقدم التكنولوجي، وحاجة التقنية إلى الثقافة، ثم دورهما معا في تنمية المجتمع العربي والإسلامي. مما فرض عليه أن يلجأ إلى لغة سهلة تمكنه من التواصل مع القارئ تواصلا فعالا.
هـ ـ أسلوب التأكيد: وظف مجموعة من المؤكدات للدفاع عن أطروحته، منها: أسلوب التأكيد (إنَّ، أنَّ، يجب) ونمثل له من النص بقوله: " إن العامل الأساس في نجاح الإبداع التكنولوجي هو توفير الإرادة السياسية، وتوفير جو الحرية لأصحاب المواهب العلمية والفنية…."
و ـ أسلوب الشرح التفسير: لجأ الكاتب إلى أسلوب التفسير ليبين معاني بعض الظاهرة التي يدرسها، ونمثل له من النص بقوله: " إن العامل الأساس في نجاح الإبداع التكنولوجي هو توفير الإرادة السياسية، وتوفير جو الحرية لأصحاب المواهب العلمية والفنية…."
زـ أسلوب الاستنتاج : حضر في النص من خلال قول الكاتب: " كل ذلك حرم العالم المتخلف من …".
ح ـ الحجج في النص:
استعمل الكاتب حججا واقعية في النص ونمثل لها بقوله:
ـ استشهد باليابانيين ليبين أن ما يسمى بنقل العلوم والتكنولوجيا ليس بحقيقة، ويمكن امتلاك التكنولوجيا بالبحث والإبداع الذاتي الذي لا يمكن نقله، ويكتسب عن طريق اكتساب المعرفة وتنشيط الابتكار.
ـ إن العالم العربي والإسلامي متخلف لأنه لا يستفيد من قدرات علمائه ومثقفيه.
رابعا ـ تركيب وتقويم:
أ ـ تركيب نتائج التحليل: ينتمي النص موضوع التحليل إلى مجزوءة "قضايا معاصرة"؛ لذلك فهو يدرس التكنولوجيا في علاقتها بالثقافة، لكاتبه المهدي المنجرة يحمل عنوان: "التكنولوجيا والثقافة" وهو مركب اسمي يحيل دلاليا إلى أن أن الثقافة مرتبطة بالتكنولوجيا، ويجب توفير ثقافة معينة قادرة على مساعدة الإنسان لإنتاج التكنولوجيا. واقتطف النص من كتاب: "حوار التواصل من أجل حوار معرفي عادل" وارتبط بالعنوان بعلاقة جزئية / تضمنية. ولاحظنا أنه يرتبط بالفقرتين الأولى والأخيرة بعلاقة إيضاح وتفسير. وتدور فكرة النص الأساسية حول فكرة دمج العلم والتقنية في بيئة ثقافية معينة من أجل إنتاج التقنية. ولتأكيد هذه الفكرة فقد أسس الكاتب خطابه هذا على حقلين دلاليين اثنيين هما حقل التقنية وحقل الإنسان، وهيمن في النص حقل التقنية وذلك مرتبط بمقصدية المجزوءة (التكنولوجيا)، وارتبط الحقل الأول بالثاني بواسطة علاقة تكامل. ووظف ضمير الغائب في هذه الدراسة وذلك ليضع مسافة بين ذاته وموضوعه لتحقيق الموضوعية، وأبان عن رأيه، ودافع عنه باعتماد منهج استنباطي، وأسلوب تقريري سهل خال من الاستعارة والمجاز مصحوب ببعض المؤكدات، وأسلوب التفسير والتأكيد، والاستنتاج. ووظف حججا واقعية لتأكيد أطروحته وإقناع القارئ بها: ارتباط الثقافة بالتقنية.
ب ـ تقويم: أرى أن ثقافة أمة من الأمم هي التي تتحكم فيها وتجعل منها أمة فاعلة في الكون الذي تعتبر جزءا منه، فالثقافة إما أن ترتبط بما هو جوهري وروحي وتفسر الظواهر الطبيعية والاجتماعية تفسيرا ميتافيزيقيا وتبتعد بذلك عن الواقع، أو ترتبط بما هو مادي وعقلي وتفسر الظواهر كيفما كانت تفسيرا ماديا أو سياسيا أو اقتصاديا، وبالتالي تسعى إلى تطوير اقتصادها وأن تكون في مصاف الدول الصناعية المتقدمة، وأتمنى أن ينتمي المغرب إلى هذه الدول.

0 التعليقات:

إرسال تعليق