الأربعاء، 27 مارس 2013

تحليل قصيدة”العذراء”للشاعرة: أمينة المريني.


تحليل قصيدة"العذراء"للشاعرة: أمينة المريني.الكتاب المدرسي،الرائد في اللغة العربية،ص: 147- 150
أولا ـ ملاحظة النص:
1 ـ قراءة في العنوان: تحمل القصيدة عنوان: "العذراء" ويحيل تركيبيا على جملة اسمية، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هذه"، ودلاليا يوحي بأن الشاعرة تصورت الجمال في العذرية وهي الفطرة.
2 ـ علاقة العنوان بالبيتين الأخيرين: يتحدث البيتان عن أن الجمال من صنيع الإله الجميل المحب للجمال،  مثله مثل العذرية هي من صنيع الإله؛ إذن فالعلاقة التي تربط البيتين بالعنوان هي علاقة إيضاح وتفسير.
3 ـ علاقة العنوان بالصورة: موضوع الصورة "وردة" والوردة رمز الجمال، فإنها سريعة التأثر بالعالم الخارجي تفسد لأدنى سبب مثلها مثل العذرية، فالعلاقة بينهما هي علاقة إيضاح وتكامل كأن واضع الصورة يريد أن يقول: تأملوا الجمال الإنساني كما تتأملوا الجمال الطبيعي.
4 ـ وضع فرضية لتحديد موضوع النص: من خلال عتبات النص نفترض أن الشاعرة سوف تتحدث عن أشكال الجمال وتجلياته.
ثانيا ـ فهم النص:
ـ تحديد مضمون النص:
    تتحدث الشاعرة في هذا النص عن الجمال الكامل الذي يتجلى في الطبيعة وفي الناس، إنه جمال من صنع الخيال أبدعته موهبة الشاعرة لتضفي على الجمال في الواقع لمسة فنية تدعو الناس من خلالها إلى التأمل في ذواتهم وفي الطبيعة علهم يدركوا فيهما الجمال الفطري.
ثالثا ـ التحليل:
1 ـ معجم النص:
حقل الذات الشاعرة
حقل الوردة
فسبحت/ كحالي/ لقلبي الفتي/ قلب شاعر/ صريع هواك/ بقلبي/ فهمت أجوب.
تجليت في الصبح بين الغصون/ النسيم الندي/ نور الروابي/ نور التلال/ ماء السواقي/ يا وردتي.
نستنتج من خلال ملاحظة الألفاظ المكونة للحقلين الدلاليين، أن الشاعرة حضرت من خلال ألفاظ تدل على العشق والحب لكنه عشق طاهر تهيم فيه الشاعرة بالجمال الفطري الذي تمثله الوردة في الطبيعة. فالعلاقة بينهما تتحدد في التكامل.
2 ـ عناصر الطبيعة في القصيدة:
  تحضر عدة ألفاظ في القصيدة تحيل إلى الطبيعة هي: السماء/ البذور/ الهلال/ الصبح/ الغصون/ بدر السماء/ الفضاء/ الجبال/ النسيم الندي/ نور الروابي/ نور التلال/ طير الفضاء/ ماء السواقي/ يا وردتي.
    تحتل الوردة بين هذه العناصر مكانا متميزا لأنها محور حديث الشاعرة، فقد نادتها بواسطة أداة النداء "يا" ونسبتها إلى نفسها بواسطة "ياء" المتكلم "وردتي" مما يفيد أن النص كله يدور موضوعه حول الوردة، وأن هذه الألفاظ المكونة للطبيعة سواء الدالة منها على: المكان، أو الزمن، أو الحيوان، أم الجماد، أم المجردات (النسيم)، كلها تخدم الوردة وتحيل إليها.
3 ـ إيقاع النص:
تنتمي القصيدة إلى بحر المتقارب، وتفعيلاته هي:  فعولن فعولن فعولن فعولن× 2
يتكون هذا الوزن من تكرار تفعيلة واحدة هي "فعولن" مما يعطي القصيدة إيقاعا واحدا خفيفا يلائم مثل هذه الموضوعات التي تنتمي إليها القصيدة.
4 ـ الصورة الشعرية:
البيت 6: ومن ناظريك تبدى الحياء           فكان السيوف وكان النبال
   شبهت الشاعرة الوردة بالعيون، ثم شبهت أوراق الوردة بالرموش، لتصورها كالسيوف والنبال تقتل كل من ينظر إليها، أي تجعله بلا حياة، ولا يسترد حياته إلا بامتلاك الوردة.
البيت 8: تجليت في الصبح بين الغصون   وبدر السماء يشد الرحال
    في قول الشاعرة: " وبدر السماء يشد الرحال" انزياح عن اللغة المألوفة، فالبدر لا يشد الرحال، وإنما هو كوكب مرتبط بالزمن: زمن الظهور في الليل، وزمن الغياب في الصباح. وعبرت الشاعرة عن زمن الغياب في الصباح بـ"شد الرحيل" وفي ذلك انزياح عن المألوف.
   وفي "بدر السماء" استعارة، فقد شبهت الشاعرة بدر السماء بإنسان بجامع التنقل والحركة لدى كل منهما، وحذفت الإنسان وأبقت على شيء مكن لوازمه، وهو "يشد الرحال" على سبيل الاستعارة المكنية. 
البيت 9: وفي مقلتيك سمات الهجود     وعشق لخل بعيد المنال
    جعلت الشاعرة للوردة "مقلة" بمعنى عينا تبصر بها، وهذه العين بها علامات السهر والأرق لم يغلق لها جفن؛ لأنها عاشقة. وفي كل ذلك انزياح عن اللغة المألوفة إلى اللغة المجازية.
   يظهر من خلال هذه الأمثلة أن الصورة الشعرية عملت على تشخيص "الوردة". ونعني بالتشخيص إضفاء صفة الأشخاص على الجماد أو على الأفكار لكي يخاطبها الشاعر وتشارك في عملية التحاور معه. واتبعت الشاعرة هذا الأسلوب في البيت الثاني في قولها: "أعذراء" فقد صيرت الوردة عذراء وأضفت عليها صفة العذرية وهي خاصة بالإنسان(المرأة). وفي البيت الخامس: "نصبت الشباك .. بسحر الخدود وفرط الدلال" جعلت الوردة صيادا نصب شباكه وتمكن من اصطياد الشاعرة فأصبحت محبة للجمال. وفي البيت السادس: "ومن ناظريك تبدى الحياء"، وفي البيت التاسع: "وفي مقلتيك سمات الهجود". وفي البيت العاشر : "وحين لمحت صريع الغواني".  
أسلوب التكرار:
 تتكرر لفظة "الوردة" ومرادفاتها في القصيدة، كالتالي: أعذراء/ جنية/ إنسية/ ملاك/ تجليت في الصبح بين الغصون/ النسيم الندي/ نور الروابي/ نور التلال/ ماء السواقي/ يا وردتي. ودلالة هذا التكرار التأكيد على أن الوردة تتخذ أشكالا متعددة لتبرز جمالها إلى الناظر. فالجمال قيمة معنوية كل منا له طريقته الخاصة في تذوقه؛ فقد تبدت الوردة للشاعرة عذراء، وملاكا، وجنية، ونسيما، ونورا، وماء، وصيادا ينشب شباكه….
   وللتكرار وظيفتان: الأولى جمالية مرتبطة بإيقاع القصيدة. والثانية تأكيدية حجاجية تؤكد من خلالها الشاعرة أن الجمال يتواجد في مناحي متعددة في الوردة وغير الوردة.
5 ـ أسلوب النص:
أ ـ الضمير في القصيدة:
ضمير المتكلم
ضمير المخاطب
فسبحت/ كحالي/ لقلبي الفتي/ قلب شاعر/ بقلبي/ فَهِمْتُ/ أبصرتُ/ عندي/ ياوردتي.
ما أنتِ؟/ أم أنت ملاك/ نَصَبْتِ الشباك/ ناظِرَيْكِ/ ألم تعلمي/ تَجَلَّيْتِ/ وفي مُقْلَتَيْكِ/ لمَحْتِ/ تَوَارَيْتِ/ أسائل عَنْكِ/ شَذَاكِ/ منكِ/ لغيرِكِ أنتِ/ أبنت الحلال.
نلاحظ هيمنة ضمير المخاطب "الوردة" في القصيدة. ونستنتج من خلال حضور الضميرين في القصيدة أن الشاعرة تربطها بالجمال علاقة عشق؛ فالوردة ملاك نصبت لها الشباك.
ب ـ أسلوب الاستفهام:
   حضر الاستفهام في البيتين الثاني والثالث، تساءلت الشاعرة فيهما عن هوية الوردة: إنسية هي أم جنية، أم هي ملاك. فالشاعرة تعلم أن الوردة ليست ملاكا وليست جنية وليست إنسية، وبالتالي فهي لا تنتظر جوابا. فالشاعرة معجبة بجمال "الوردة" وبالجمال عامة، ومن غرابة الجمال، واستغرابها من هذه الغرابة، لذلك تعتبر الجمال فريدا من نوعه أصوله قد ترتبط بالواقع فيكون إنسيا، وقد لا ترتبط بالواقع فيكون ملاكا أو جنيا.
ج ـ أسلوب السرد في القصيدة:
يبدو من خلال القصيدة أن الشاعرة تروي للقارئ قصتها مع "الوردة" حتى أصبحت عاشقة لها.
السادر: الشاعرة.
المسرود له: القارئ.
موضوع السرد: رأت الشاعرة وردة فأعجبت بجمالها، فهامت بها، ثم تساءلت عن هويتها أهي من الملائكة أم من الجن أم من الإنس. أم هي شيء مجرد لا يعدو أن يكون لحنا يحس ولا يرى لكنه يعيد الحياة للعاشق. ولكونها عشقنها شبهتها بصياد نصب لها شباكه فأسرها فأصبحت متيمة بها. ثم صورت الوردة عالمة بحب الشاعرة لها لذلك كلما أبصرتها توارت حياء وراء الظلال كعذراء. ثم في الأخير تخبرها الشاعرة أنها الوحيدة في حياتها.
الرؤية السردية: الرؤية من خلف فالشاعرة تعلم كل شيء عن الوردة.
  رابعا ـ تركيب وتقويم:
أ ـ تركيب نتائج التحليل: ينتمي النص موضوع التحليل إلى مجزوءة قيم إنسانية في الشعر العربي؛ لذلك فهو يتناول قيمة "الجمال" من خلال رؤية الشاعرة أمينة المريني لها. فالقصيدة تحمل عنوان: "العذراء" وهو مركب اسمي يحيل دلاليا إلى الجمال في الفطرة، ولاحظنا أنه يرتبط بالبيتين الأخيرين وكذلك بالصورة بعلاقة إيضاح وتكامل. وتدور فكرة النص الأساسية حول أهمية قيمة الجمال في حياة الإنسان، وهيمن في النص حقل "الوردة" وذلك مرتبط بمقصدية الشاعرة التي تحدثت عن الجمال من خلال الوردة واعتبرته متجسدا فيها. ولترسيخ هذه الفكرة في ذهن القارئ شخصت الوردة وجعلت منها إنسانا يحس ويتكلم، يشارك بأفعال لنمو الأحداث وهو ما أظهرته الصورة الشعرية المعتمدة على التشخيص. وينتمي إيقاع القصيدة إلى بحر "المتقارب" ذي الجرس الموسيقي الرتيب الذي تحققه تفعيلة "فعولن". واستعملت الشاعرة في حوارها مع الوردة الضمير، الذي هيمن فيه ضمير المخاطب المنسوب إلى الوردة والجمال لأنه موضوع النص. كما وظفت أسلوب الاستفهام المجازي، وتقنية السرد لإبراز علاقتها بالجمال الكامنة في التماهي فيه.
ب ـ تقويم: إن الجمال من القيم النبيلة المتجسدة في الوجود كله سواء كان إنسانا، أو جمادا، أو فكرة أو غير ذلك، لا يخلو شيء في الوجود خاليا من هذه القيمة، وأرى أن الجمال يتجسد كذلك في الاحترام، والاجتهاد، وتحقيق ما نطمح إليه في الحياة.

1 التعليقات:

جيد جزاكم الله خيرا

إرسال تعليق